فصل: الشاهد السادس والثلاثون بعد المائتين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.استيلاء المرزبان بن محمد بن مسافر على اذربيجان.

كان محمد بن مسافر من كبار الديلم وكان صاحب الطرم وكان له أولاد كثيرون منهم سلار ومنهم صعلوك ومنهم وهشودان والمرزبان أمه بنت حسان ووهشودان ملك الديلم وقد مر خبره وكان دسيم بن إبراهيم الكردي بعد مدافعة لشكري وابنه عن أذربيجان أقام عنده بعض الديلم من عسكر وشمكير الذين أنجدوه على شأنه ثم إن قومه من الأكراد استبدوا عليه بأطراف أعماله وملكوا بعض القلاع فاستظهر عليهم بأولئك الديلم وغلبهم واستدعى صعلوك بن محمد من قلعة أبيه الطرم فجاء إليه جماعة من الديلم وسار بهم إلى التي تغلب عليها الأكراد فانتزعها منهم وقبض على جماعة منهم ثم استوحش منه وزيره أبو القاسم علي بن جعفر من أهل أذربيجان فهرب إلى الطرم ونزل على محمد بن مسافر عندما استوحش منه ابناه وهشودان والمرزبان وغلبا على بعض قلاعه ثم قبضا عليه وانتزعا منه أمواله وذخائره فتقرب الوزير علي بن جعفر إلى المرزبان وكان يشاركه في دين الباطنية وأطمعه في أذربيجان فاستوزره المرزبان وكانت الديلم الذين عند دسيم وغيره من جنده واستمالهم فأجابوه وسار المرزبان إلى أذربيجان وبرز دسيم للقائه فنزع الديلم إلى المرزبان واستأمن إليه كثير من الأكراد وهرب دسيم إلى أرمينية ونزل على صاحبها حاجيق بن الديراني وملك المرزبان أذربيجان سنة ثلاثين وثلثمائة وأساء وزيره علي بن جعفر السيرة مع أصحابه فتظافروا عليه وشرعوا في السعاية فيه فأطمع المرزبان في أموال تبريز يضمنها له وسار إليها في عسكر من الديلم وأسر لأهلها أنه جاء لمصادرتهم فوثبوا بمن معه من الديلم وقتلوهم واستدعوا دسيم بن إبراهيم فجاء إلى تبريز وملكوه ولحق به الأكراد الذين استأمنوا إلى المرزبان فسار المرزبان في عساكره وحاصرهم دسيم بتبريز وكاتب علي بن جعفر وحلف له على الوفاء بما يرومه منه فطلب منه السلامة وترك العمل وأجابه واشتد الحصار على دسيم فهرب من تبريز إلى أردبيل وخرج الوزير إليه فوفى له المرزبان ثم طلب دسيم أن ينزله بأهله بقلعة من قلاع الطرم ففعل وأقام المرزبان فيها.

.استيلاء الروس على مدينة بردعة وظفر المرزبان بهم.

هؤلاء الروس من طوائف الترك ويجاورون الروم في مواطنهم وأخذوا بدين النصرانية معهم منذ أزمان متطاولة وبلادهم تجاور بلاد أذربيجان فركبت طائفة منهم البحر سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة ثم صعدوا من البحر في نهر اللكنهر وانتهوا إلى مدينة بردعة من بلاد أذربيجان وبها المرزبان فخرج إليهم في نحو خمسة آلاف مقاتل من الديلم وغيرهم فهزمهم الروس وقتلوا الديلم وتبعوهم إلى البلد فملكوه ونادوا بالأمان وأحسنوا السيرة وجاءت العساكر الإسلامية من كل ناحية فلم يقدروا عليهم وظاهرهم العوام والرعاع فما انصرفت العساكر غدرت الروسية بهم فقتلوهم ونهبوا أموالهم واستعبدوهم.
وأحزن المسلمين ذلك واستنفر المرزبان الناس وسار لهم وأكمن لهم كمينا وزحف إليهم وخرجوا إليه واستطرد لهم حتى جاوزوا موضع الكمين فاستمر أصحابه على الهزيمة ورجع هو مع أخيه وصاحب له مستميتين وخرج الكمين من ورائهم واستلحم الروسية وأميرهم ونجا فلهم إلى البلد فاعتصموا بحصنه وكانوا قد نقلوا إليه السبي والأموال وحاصرهم المرزبان وصابروه ثم إلى ناصر الدولة بن حمدان صاحب الموصل بعث إلى ابن عمه الحسين بن سعد بن حمدان في هذه السنة إلى أذربيجان ليملكها فبلغ الخبر إلى المرزبان بأنه انتهى إلى سلماس فجهز عسكرا إلى الروس وسار لقتال ابن حمدان فقاتله أياما ثم استدعاه ابن عمه ناصر الدولة من الموصل وأخبره بموت توزون وأنه سائر إلى بغداد وأمره بالرجوع فرجع وأما الروس فحاصرهم العسكر أياما واشتد فيهم الوباء فانقضوا من الحصن ليلا وحملوا ما قدروا عليه من الأموال ولحقوا باللكن فركبوا سفنهم ومضوا إلى بلادهم وطهر الله البلاد منهم.

.مسير المرزبان إلى الري وهزيمته وحبسه.

ولما سارت عساكر خراسان إلى الري وظن المرزبان إلى ذلك يشغل ركن الدولة بن بويه عنه وكان قد بعث رسوله إلى معز الدولة ببغداد فصرفه مذموما مدحورا فاعتزم على غزو الري وطمع في ملكه واستأمن إليه بعض قواد الري وأغراه بذلك وراسله ناصر الدولة بن حمدان يستحثه لذلك ويشير عليه ببغداد قبل الري وكتب ركن الدولة إلى أخويه عماد الدولة ومعز الدولة يستنجدهما فبعثوا إليه بالعساكر وسار بها من بغداد سبكتكين الحاجب ولما انتهى إلى الدينور انتقض عليه الديلم ووثبوا به فركب في الأتراك فتخاذل الديلم وأعطوه الطاعة وكان المرزبان قبل وصول العساكر زحف إلى الري وهزمه ركن الدولة وحبسه ورجع الفل إلى أذربيجان ومعهم محمد بن عبد الرزاق واجتمع أصحاب المرزبان على أبيه محمد بن مسافر وأساء السيرة فهموا بقتله وكان ابنه وهشودان قد هرب منه واعتصم بحصن له فلحق به أبوه محمد فقبض عليه وهشودان وضيق عليه حتى مات ثم استدعى دسيم الكردي من مكانه بقلعة الطرم حيث أنزله المرزبان عند ظفره به وبعثه إلى محمد بن عبد الرزاق وأقام بنواحي أذربيجان ثم رجع إلى الري سنة ثمان وثلاثين وثلثمائة واستعتب إلى سلطانه نوح بن سامان فأعتبه وعاد إلى طوس.
واستوف دسيم على أذربيجان لوالي القلعة حتى تمكنوا من قتله فقتله المرزبان ولحق بأخيه وهشوذان سنة اثنتين وأربعين وثلثمائة وكان علي بن منسلى من قواد ركن الدولة قد لحق بوهشودان وأغراه بدسيم فبعثه وهشودان في العساكر وكاتب الديلم واستمالهم وسار إليه دسيم وخلف وزيره أبا عبد الله النعيمي بأردبيل فجمع مالا كان صادره عليه وهرب بما معه من المال إلى علي بن منسلى.
وبلغ الخبر إلى دسيم عند أذربيجان فعاد إلى أردبيل وشغب عليه الديلم ففرق فيهم ما كان معه من المال وسار للقاء علي بن منسلى فالتقيا وهرب الديلم الذين معه إلى علي بن منكلى وانهزم هو إلى أرمينية ثم جاءه الخبر بأن المرزبان تخلص من محبسه بقلعة سيرم وملك أردبيل واستولى على أذربيجان وأنفذ العساكر في طلبه فهزم دسيم إلى بغداد فأكرمه معز الدولة وأقام عنده ثم استدعاه شيعته بأذربيجان سنة ثلاث وأربعين وثلثمائة فسار إليهم وطلب من معز الدولة المدد لأن أخاه ركن الدولة كان قد صالح المرزبان فسار دسيم إلى ناصر الدولة بن حمدان بالموصل واستنجد به فلم ينجده فسار إلى سيف الدولة فأقام عنده بالشام فلما كان سنة أربع وأربعين خرج على المرزبان خارج باب الأبواب فسار إليه وخالفه دسيم إلى أذربيجان فاستدعاه مقدم من الأكراد وملك سلماس فبعث إليه المرزبان قائدا من قواده فهزمه دسيم ولما فرغ المرزبان من أمر الخارج وعاد إلى أذربيجان هرب دسيم إلى أرمينية واستجاش بابن الديراني وكتب إليه المرزبان بحمل دسيم إليه فسلمه وحبسه حتى إذا توفي المرزبان قتله بعض أصحابه حذرا من فتنته.